وزير الخارجية تشين قانغ يجيب على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية

 2023-03-13 13:34



وزير الخارجية تشين قانغ يجيب على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية


في يوم 7 مارس عام 2023، عقدت الدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب مؤتمرا صحفيا في مركز ميديا، حيث أجاب وزير الخارجية تشين قانغ على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية. 


أيها الأصدقاء الصحفيون، صباح الخير، يسعدني جدا أن ألتقي معكم. يمر عالم اليوم بتغيرات غير مسبوقة منذ مئة سنة. ستتمسك الصين بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة بحزم، وتتمسك باستراتيجية الانفتاح المتسمة بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك بحزم، وتكون دوما من يبني سلام العالم ويساهم في التنمية العالمية ويحافظ على النظام الدولي. وبالتالي، أنا على استعداد للإجابة على أسئلتكم. 


CCTV: هناك تطلعات كثيرة داخل البلاد وخارجها حول الدبلوماسية الصينية في هذا العام. هل لكم تسليط الضوء على النقاط الرئيسية والبارزة للدبلوماسية الصينية خاصة الدبلوماسية على مستوى القمة في هذا العام؟ وما توقعاتكم بصفة وزير الخارجية الجديد للدبلوماسية الصينية في المرحلة القادمة؟


ج: إن هذا العام عامٌ لبدء تطبيق روح المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني على نحو شامل. وضع المؤتمر الوطني الـ20 للحزب تصميما من أعلى مستوى للدبلوماسية الصينية، وحدّد رسالتها ومهامها، وكذلك خططها الاستراتيجية. في ظل تحسن الوضع الوبائي داخل البلاد والاستئناف المنظم للتواصل بين الصين والدول الأخرى، إن الدبلوماسية الصينية قد "ضغطت على زر التسريع" و"ضربت النفير للتعبئة".  


سنعمل تحت قيادة الدبلوماسية على مستوى القمة، خاصة أننا سنبذل قصارى الجهد لإنجاح فعاليتين كبيرتين تستضيفهما الصين، ألا وهما القمة الأولى بين الصين والدول الخمس في آسيا الوسطى والدورة الثالثة لـ"منتدى الحزام والطريق" للتعاون الدولي، بما يظهر المزايا الفريدة للدبلوماسية الصينية باستمرار. 


سنأخذ حماية المصالح الحيوية كرسالة، ونرفض بكل حزم الهيمنة وسياسة القوة أيا كان شكلهما، ونرفض بكل حزم عقلية الحرب الباردة والمواجهة بين المعسكرات والقمع والاحتواء، وندافع بكل حزم عن سيادة البلاد وأمنها ومصالحها التنموية. 


سنأخذ علاقات الشراكة كاستناد، ونعمل على تعزيز التنسيق والتفاعل الإيجابي بين الدول الكبرى، وتطوير التعاون الودي مع كافة الدول، والمضي قدما ببناء نوع جديد من العلاقات الدولية، لتوسيع نطاق دائرة الأصدقاء للصين، وزيادة عدد الأصدقاء الجدد لها، وترسيخ متانة صداقتها مع الأصدقاء القدامى.  


سنأخذ التنمية القائمة على الانفتاح كهدف، لخدمة التنمية العالية الجودة داخل البلاد والانفتاح العالي المستوى على الخارج، ونرفض فك الارتباط أو قطع السلاسل، ونرفض العقوبات الأحادية الجانب، ونحافظ على الاقتصاد العالمي القائم على الانفتاح والشمول، ونقدم فرصا جديدة للعالم من خلال التنمية الجديدة للصين.  


سنأخذ تعددية الأطراف كسبيل، لدفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ودمقرطة العلاقات الدولية ودفع تطور الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر إنصافا وعدلا، بما يوفر مزيدا من الحكمة الصينية والحلول الصينية في ظل التحديات المشتركة التي تواجه البشرية جمعاء. 


سنأخذ خدمة الشعب كعقيدة دبلوماسية، ونضع دوما مصالح وسلامة المواطنين الصينيين في خارج البلاد في عين اعتبارنا، ونتحمل المسؤولية الدبلوماسية لخدمة الشعب على عاتقنا، ونعزز الخدمة والحماية للمواطنين والمؤسسات الصينية وراء البحار، بما يجعل التواصل بين الصين والدول الأخرى أسهل وأكثر أمنا. 


ما زال العالم اليوم بعيدا عن السلام، إذ أنه يشهد تشابكا بين الاضطرابات والتحولات، وتصادما بين التضامن والانقسام، وتعايشا بين الفرص والتحديات. فإن المسيرة الجديدة للدبلوماسية الصينية هي مسيرة طويلة حافلة بأحلام مجيدة، ورحلة طويلة لكسر الأمواج العاتية. كلما اشتدت صعوباتها، ازداد مجدها وعظمتها. سنعمل تحت القيادة القوية من اللجنة المركزية للحزب ونواتها الرفيق شي جينبينغ، على تطبيق فكر شي جينبينغ حول الدبلوماسية، وتطبيق روح المؤتمر الوطني الـ20، والالتزام الدائم بمقاصد السياسة الخارجية المتمثلة في صيانة السلام في العالم وتعزيز التنمية المشتركة، وتحمل المسؤولية بشجاعة لتهيئة بيئة خارجية مواتية لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل، وتسجيل صفحات جديدة لدبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد دون الخوف من الصعوبات. 


صحيفة روز اليوسف: يرى الكثيرون أن التحديث الصيني النمط وفّر مسارا جديدا لتحقيق التحديث في دول العالم، ويمكن أن يلهم دول العالم وخاصة الدول النامية. في رأيكم، ما هي دلالات التحديث الصيني النمط بالنسبة للعالم؟


ج: كما قلت، قد أصبح التحديث الصيني النمط كلمة ساخنة في المجتمع الدولي. إن تحقيق التحديث لدولة تحتضن أكثر من 1.4 مليار نسمة ككل، سيكون عملا جليلا لا مثيل له في تاريخ البشرية، ويكتسب دلالات عالمية جسيمة. 


نجح التحديث الصيني النمط في حل المعضلات العديدة التي تواجه تنمية المجتمع البشري، وكسر صورة نمطية مفادها بأن "التحديث يساوي التغريب"، وخلق نمط جديد لحضارات البشرية، وأتى لدول العالم وخاصة الدول النامية الغفيرة بإلهام مهم، ينعكس برأيي على خمسة جوانب على الأقل: 


أولا، التمسك بالاستقلال. يكمن مفتاح النجاح للتحديث الصيني النمط في تجذره في الأراضي الصينية وتأصله في الثقافة الصينية وتطابقه مع الظروف الواقعية في الصين. أثبت النمو الصيني الناجح بجلاء أن دول العالم لها حق كامل وقدرة كافية على اختيار طرقها والتحكم في مصيرها في أيديها بكل ثبات.  


ثانيا، وضع الشعب فوق كل الاعتبارات. إن التحديث الصيني النمط هو تحديث يتمتع فيه جميع أبناء الشعب الصيني بالرخاء المشترك، ويحقق ثراء للشعب ماديا وروحيا. لا يتمثل التحديث في خدمة قلة قليلة من الدول أو الناس، وهو لا يتمثل في كون الأغنياء أكثر ثراء والفقراء أكثر فقرا، أو الفراغ الروحي وفقدان الأخلاق والانتظام. من المطلوب أن تتمتع كافة شعوب العالم بحق التنمية على قدم المساواة، وحق السعي إلى السعادة.  


ثالثا، التنمية السلمية. لا يستعين التحديث الصيني النمط بالحروب أو الاستعمار أو النهب، بل يلتزم بالسلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، ويلتزم بالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، مما شكّل طريقا جديدا يختلف عن التحديث الغربي النمط. 


رابعا، الانفتاح والتسامح. من المفروض أن تشبه أنواع التحديث للبشرية زهورا تتبارى بدلا من زهرة واحدة تعجب بنفسها، فمن الأهمية احترام كافة الدول في سلك طرق التنمية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية، والتواصل والاستفادة المتبادلة وتبادل الإكمال لبعضها البعض.  


خامسا، الكفاح بالتضامن. أثبتت الخبرات الناجحة لتنمية الصين بجلاء أن كومة من الرمال لا تبعث على الأمل، ولا شيء يولد قوة إلا الكفاح بالتضامن، الذي يعزز الجهود الدؤوبة بدون تراخ لتنفيذ الخطوط العريضة بدون توقف. لو كانت الصين في حالة النزاعات بين الأحزاب على غرار بعض الدول، التي لا تفي بما وعدته وتغير سياساتها على هواها، فستكون الخطوط العريضة أوهاما بعيدة المنال ومعلّقة في الهواء مهما كان شكلها الجميل. 


إن مسيرة التحديث الصيني النمط يبشر بتنامي قوى السلام والعدالة والتقدم في العالم. نأمل ونثق بأن مزيدا من دول العالم ستسير على طرق التحديث، بما يحول حلم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية إلى الواقع.  


إيتار تاس: كيف تنظرون إلى توجهات العلاقات الروسية الصينية؟ هل يمكن للعلاقات الروسية الصينية أن تقدم نموذجا جديدا للعلاقات بين الدول؟ هل سيزور الرئيس شي جينبينغ روسيا بعد الدورتين السنويتين؟ هل من الإمكانية التخلي عن استخدام الدولار الأمريكي أو اليورو في التجارة الثنائية بين روسيا والصين  مستقبلا؟


ج: ذكرت نموذج العلاقات بين الدول الكبرى، جاء ذلك بمثابة منظور جيد لرصد العلاقات الصينية الروسية. هل تمارس الدول الكبرى سياسة الكتل التي تتسم بالانغلاق والإقصاء، أم تحافظ على العلاقات الصادقة والشفافة، عندما تجري  تواصلا فيما بينها؟ في هذا السياق، نجحت الصين وروسيا في إيجاد طريق للتعامل مع بعضهما البعض على أساس الثقة الاستراتيجية المتبادلة وحسن الجوار، مما نصب نموذجا يحتذى به لنوع جديد من العلاقات الدولية. 


تتعود بعض الدول على النظر إلى العلاقات الصينية الروسية عبر عدسة عقلية الحرب الباردة والتحالف، فما تراه ليس سوى صورتها المعكوسة. تقوم العلاقات الصينية الروسية على أساس عدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف طرف ثالث، وهي لا تشكل تهديدا لأية دولة في العالم، ولا تتأثر بتشويه أو تأليب من أي طرف ثالث. إن التعاون الصيني الروسي سيقدم قوة دافعة لتعددية الأقطاب في العالم ودمقرطة العلاقات الدولية، ويوفر ضمانا للتوازن والاستقرار الاستراتيجيين في العالم. كلما ازدادت الاضطرابات في العالم، ازدادت الضرورة لتقدم العلاقات الصينية الروسية إلى الأمام بخطوات ثابتة.  


إن التبادلات بين الرئيسين الصيني والروسي تعد بوصلة ومرساة للعلاقات بين البلدين. نثق بأن شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد ستتقدم بالتأكيد إلى الأمام على مستوى أعلى تحت القيادة الاستراتيجية من رئيسي البلدين.  


فيما يخص ما ذكرته من العملة التي ستستخدم في التجارة بين الصين وروسيا، الجواب بسيط، سنستخدم أي عملة ما دامت فاعلة وآمنة وموثوقا بها. يجب ألا تكون العملات الدولية سلاحا فتاكا في العقوبات الأحادية الجانب، ناهيك عن كون مرادف للتنمر والإكراه. 


صحيفة الشعب اليومية: لاقت مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي اللتان طرحهما الرئيس شي جينبينغ ترحيبا واسع النطاق من قبل دول العالم. فما هو الدور المرتقب الذي سيلعبه الجانب الصيني في تعزيز واستكمال الحوكمة العالمية؟ وأي إجراءات سيتخذها؟


ج: يشهد عالم اليوم تشابكا وتداخلا بين التحولات والاضطرابات. ماذا حصل بالعالم؟ وماذا سنفعل؟ تقف البشرية أمام مفترق طرق تاريخيا مرة أخرى. حدد الرئيس شي جينبينغ الطريق المستقيم للحوكمة العالمية من المنظور العالمي والتاريخي والإنساني. في السنوات العشر للعصر الجديد، طرح الرئيس شي جينبينغ سلسلة من المبادرات والدعوات الهامة على التوالي، بما فيها إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والتعاون في بناء "الحزام والطريق" والقيم المشتركة للبشرية جمعاء ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، وتكون الفكرة المحورية لكل هذه المفاهيم هي أن جميع الدول تعتمد على بعضها البعض، والبشرية تشترك في مستقبل واحد، والمجتمع الدولي يجب عليه أن يتضامن ويتعاون. إذ أن التضامن والتعاون لأمر يسهم في هزيمة جائحة فيروس كورونا المستجد ومواجهة تغير المناخ، وتسديد العجز في السلام والأمن والتنمية والحوكمة، وبناء عالم منفتح ومحتضن ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك. 


إن الطريق نحو الحوكمة العالمية ليس مفروشا بالورود. قال الصينيون القدماء إن "العالم يسوده السلام لو تتحابّ الشعوب، وتسوده الفوضى لو تتباغض". كما قالوا أيضا إن "الفوضى من المصلحة الأنانية، والنظام من القواعد والقوانين". إن حكمة القدماء هذه تعلّمنا أن الحوكمة العالمية تتطلب الالتزام بالقانون ومبادئ القانون الدولي التي يجسدها ميثاق الأمم المتحدة؛ والالتزام بالإنصاف والحق ورفض الهيمنة والمصلحة الأنانية؛ والتمسك بروح الفريق الواحد ومنع الانقسام والمواجهة. يشكل عدد سكان الدول النامية ما فوق 80% من إجمالي سكان العالم، وتتجاوز نسبة مساهمتها في نمو الاقتصاد العالمي 70%. لذا، من المفروض أن تتمتع شعوب الدول النامية بالحق في عيش حياة أفضل، كما تتمتع الدول النامية بحق أكبر في التمثيل والكلام في الشؤون العالمية. 


إن المثل العليا هي خلق عالم يتقاسمه الجميع. ستظل الصين تضع العالم ككل في عين الاعتبار، وتشارك بنشاط في عملية الحوكمة العالمية، بما يقدم مساهمات أكبر لقضية السلام والتنمية في العالم وقضية تقدم البشرية. 


NBC: سبق لكم أن كتبتم أن "علاقات صينية أمريكية سليمة ومستقرة تهم المستقبل والمصير لشعبينا وكوكبنا". نظرا لاتساع خلافات المصالح بين الجانبين، هل هناك إمكانية لتطوير العلاقات الصينية الأمريكية السليمة والمستقرة؟ ما هي سبلكم التي تتمكن من تحقيق هذا الهدف؟ هل أخذتم المصلحة الجوهرية الأمريكية في اعتباركم بالإضافة إلى المصلحة الجوهرية الصينية؟


ج: طرأت حادثة المنطاد غير المأهول على العلاقات الصينية الأمريكية قبل فترة، وهي حادثة عرضية غير متوقعة بسبب القوة القاهرة بكل معنى الكلمة، وإن حقيقتها وطبيعتها واضحة جدا، حتى أن الجانب الأمريكي لا يرى أنها تشكل تهديدا واقعيا. لكن قام الجانب الأمريكي بافتراض الذنب وبالغ في ردود الأفعال واستخدم القوة المفرطة، مخالفا لروح القانون الدولي والأعراف الدولية، واستغل هذه الحادثة لصنع أزمة دبلوماسية كان من الممكن تجنبها أصلا. 


يمكن الكشف عن الحتمية من الصدفة، إذ أن الولايات المتحدة تنحرف انحرافا شديدا عن فهمها وتعريفها للصين، وتعتبر الصين أهم خصم وأكبر تحد جيوسياسي. إن الربط الخاطئ لـ"أول الأزرار" أدى إلى خروج السياسة الأمريكية تجاه الصين عن المسار الصحيح العقلاني السليم تماما. 


يدعي الجانب الأمريكي بأنه يسعى إلى "كسب المنافسة مع الصين" ولا يسعى إلى الصراع معها. لكن في الحقيقة، إن ما يسميه الجانب الأمريكي من "المنافسة" هو الاحتواء والقمع من كافة الأبعاد، وهو ليس إلا لعبة الغالب والمغلوب بمحصلة الصفر. يدعي الجانب الأمريكي بضرورة الالتزام بالقواعد، لكنه مثل لاعب من اللاعبين اللذين يتسابقان في الملعب الأولمبي، لا يفكر في كيفية تحقيق أفضل نتيجة له بل يحاول دائما إيقاع اللاعب الآخر على الأرض حتى يحاول إجباره على المشاركة في الألعاب البارالمبية، فهذا ليس تنافسا شريفا بل مواجهة بنوايا خبيثة وهو يخالف القواعد! إن ما زعمه الجانب الأمريكي من "تركيب السياجات الواقية"  للعلاقات الصينية الأمريكية و"عدم الصراع"، هو في الواقع إلزام الصين بعدم الرد على الضرب والشتم بالمثل. هذا مستحيل! إذا استمر الجانب الأمريكي في طريقه الخاطئ بهذه السرعة المخيفة، دون الضغط على الفرملة، فلن تستطيع السياجات الواقية، مهما كان عددها، حماية سيارة العلاقات الثنائية من الخروج عن مسارها حتى انقلابها، وستقع هذه العلاقات في الصراع والمواجهة حتما. ومن سيتحمل العواقب الكارثية المترتبة على ذلك؟! يعد هذا النوع من المنافسة مقامرة خطيرة برهان المصالح الأساسية للبلدين حتى مستقبل البشرية ومصيرها. فمن الطبيعي أن تعارض الصين ذلك بشكل قاطع. لدى الولايات المتحدة طموح في إعادة العظمة لها، ويجب عليها في نفس الوقت التحلي بصدر رحب يتسع لنمو الدول الأخرى. إن الاحتواء والقمع لن يجعلا أمريكا عظيمة، ولن يقاوما خطوات الصين نحو النهضة. 


أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن سبل تعامل الصين والولايات المتحدة مع علاقاتهما تهم مستقبل العالم ومصيره. إن التعامل الملائم مع العلاقات الصينية الأمريكية أمر لا مفر له، وإن السؤال الذي لا بد من الإجابة عليه هو كيفية تحقيق هذا الهدف. ولاحظت أيضا أن عددا متزايدا من أصحاب الرؤية الثاقبة في داخل الولايات المتحدة يشعرون بالقلق العميق تجاه العلاقات الصينية الأمريكية في الوقت الراهن، ويدعون الجانب الأمريكي لانتهاج سياسة عقلانية وعملية تجاه الصين. 


إن الشعب الأمريكي مثل الشعب الصيني، متحمس وبسيط وطيب القلب، ويتطلع كلاهما إلى حياة سعيدة وعالم جميل.عندما كنت أعمل في الولايات المتحدة، قال لي عامل في رصيف ميناء لونغ بيتش بلوس أنجلوس، إن مصادر رزق أسرته تعتمد على تجارة الشحن مع الصين، فينبغي أن تزدهر الولايات المتحدة والصين معا. وقال لي فلاح في ولاية أيوا، إنه لا يزال في العالم كثير من الناس يعانون من الجوع، فعليه إنتاج مزيد من الحبوب. وقال لي رؤساء الجامعات إن التقدم التكنولوجي يتطلب التبادل الدولي، وفك الارتباط في مجال العلم والتكنولوجيا يعني خسارة للجانبين وخسارة للجميع. وقالت لي تلميذة بمعهد ينغهوا في ولاية مينيسوتا باللغة الصينية الفصيحة، وهي فازت ببطولة جسر اللغة الصينية لتلاميذ المدارس الابتدائية الأجنبية، إنها تدرس اللغة الصينية لأنها تحب الصين. كلما تذكرتهم، وجدت أن ما يقرر العلاقات الصينية الأمريكية يجب أن يكون المصالح المشتركة والمسؤولية المشتركة بين البلدين والصداقة بين الشعبين، بدلا من السياسة الداخلية الأمريكية ونزعة المكارثية الجديدة الهستيرية. 


سيعمل الجانب الصيني دوما على الدفع بالتطور السليم والمستقر للعلاقات الصينية الأمريكية وفقا لما طرحه الرئيس شي جينبينغ من مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك، ونأمل من الإدارة الأمريكية أن تصغي إلى أصوات الشعبين بشكل جدي، وتبدد الهواجس الاستراتيجية المتمثلة في "تضخم التهديدات"، وتنبذ عقلية الحرب الباردة المتمثلة في لعبة محصلتها الصفر، وترفض الاختطاف غير المبرر من قبل "الصواب السياسي"، وتفي بوعودها وتتوجه نحو نفس الاتجاه مع الجانب الصيني، من أجل إيجاد سويا طريقة صحيحة للتعامل بين البلدين لخدمة البلدين والعالم. 


تلفزيون فينيكس: قامت بعض المؤسسات الفكرية والمسؤولين في الولايات المتحدة بتضخيم إمكانية حدوث اشتباكات بين الصين والولايات المتحدة بسبب مسألة تايوان في عام 2027 أو عام 2025. وكشفت بعض وسائل الإعلام أن الولايات المتحدة قد وضعت خطة "تدمير تايوان". فكيف ترون الوضع الحالي في مضيق تايوان؟ في رأيكم، ما حجم المخاطر لاندلاع الاشتباكات بين الصين والولايات المتحدة في مضيق تايوان؟


ج: كنت أعلم أنه سيكون هناك سؤال حول مسألة تايوان، لذلك أحضرت "دستور الصين" خصيصا. أولا أود الإشارة إلى الجملتين في مقدمة "دستور الصين": "إن تايوان جزء من الأراضي المقدسة لجمهورية الصين الشعبية، وإن إنجاز القضية العظيمة لإعادة توحيد الوطن يعد مسؤولية مقدسة لجميع أبناء الشعب الصيني بما فيه أهل تايوان". إن حل مسألة تايوان شأن خاص بالصينيين، ولا يحق لأي دولة أخرى التدخل فيه. ادعى كبار المسؤولين الأمريكيين مؤخرا بأن مسألة تايوان ليست من الشؤون الداخلية الصينية، ونرفض هذه النظرية الخاطئة رفضا قاطعا، ونتحلى بالحذر العالي الدرجة من ذلك. 


لدى أهالي جانبي مضيق تايوان، أسرة واحدة اسمها الصين. نحن كأشقاء، سنواصل العمل على إعادة توحيد الوطن بشكل سلمي بأكبر قدر ممكن من النوايا الصادقة والجهود. لكن في نفس الوقت، نحتفظ بخيار لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة. هناك نص واضح بهذا الشأن في "قانون مكافحة الانفصال" للصين. إذا حدث أي سيناريو يخالف ما ورد في هذا القانون، لا بد أن نتحرك وفقا للدستور والقوانين. يجب ألا يقلل أي أحد من العزيمة الثابتة والإرادة الصلبة والقدرة القوية للحكومة الصينية والشعب الصيني للدفاع عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها. 


تعد مسألة تايوان لبا من المصالح الجوهرية الصينية، وأهم الأسس السياسية للعلاقات الصينية الأمريكية، وأول خط أحمر لا يجوز تجاوزه في العلاقات الصينية الأمريكية. تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية لا يمكن التنصل منها في نشأة مسألة تايوان. إن نقطة الانطلاق للصين في النقاش مع الولايات المتحدة حول مسألة تايوان هي مطالبته بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الصينية. يحق للشعب الصيني أن يسأل: لماذا يتحدث الجانب الأمريكي عن احترام السيادة وسلامة الأراضي في القضية الأوكرانية من جهة، ولا يحترم سيادة الصين وسلامة أراضيها في مسألة تايوان الصينية من جهة أخرى؟ لماذا يطلب من الصين الامتناع عن تقديم أسلحة إلى روسيا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يبيع أسلحة لتايوان منذ زمن طويل انتهاكا لـ"بيان 17 أغسطس المشترك"؟ لماذا يردّد على لسانه علنا سعيه إلى صيانة السلام والاستقرار في المنطقة، ووضع ما يسمى بخطة "تدمير تايوان" خلف الكواليس؟ 


إن القوى الانفصالية لـ"استقلال تايوان"، والسلام والاستقرار في مضيق تايوان، نقيضان لا يجتمعان. إن القوى الانفصالية لـ"استقلال تايوان" تمثل التهديد الحقيقي للسلام والاستقرار في مضيق تايوان. ومبدأ الصين الواحدة هو الركن الأساسي، والبيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة هي السياج الواقي الحقيقي. إذا لم تحل مسألة تايوان بشكل ملائم، فسيتزعزع أساس العلاقات الصينية الأمريكية. إذا أراد الجانب الأمريكي فعلا الهدوء والسلم في مضيق تايوان، فيجب عليه التوقف عن "احتواء الصين باستغلال تايوان"، والعودة إلى المعنى الأصلي لمبدأ الصين الواحدة، والالتزام بالتعهدات السياسية التي قطعها للصين، ومعارضة "استقلال تايوان" والكف عنه بموقف واضح. 


غلوبال تايمز: قد مضت أكثر من سنة على الصراع بين روسيا وأوكرانيا. في الآونة الأخيرة، طالبت بعض وسائل الإعلام الأمريكية والغربية الجانب الصيني بعدم تقديم المساعدات القاتلة إلى روسيا، وهي تقوم بتضخيم "نظرية المسؤولية الخاصة على عاتق الصين"، ما رأيكم في ذلك؟


ج: إن الأزمة الأوكرانية هي مأساة يمكن تجنبها أصلا، وما وصلت إليه هذه الأزمة اليوم يحمل دروسا عميقة تستحق التأمل الجدي من كافة الأطراف. 


إن الأزمة الأوكرانية لها حيثيات تاريخية وأسباب واقعية معقدة، وتعد في طبيعتها انفجارا كبيرا ناجما عن النزاعات حول الحوكمة الأمنية في أوروبا. نظل نحكم على الأمور ونقرر موقفنا وفقا لطبيعتها وبشكل مستقل. نغلب السلام على الصراع، ونغلب الحوار على العقوبات، ونغلب التهدئة على التصعيد. ليست الصين ممن صنع الأزمة أو طرفا في الأزمة، ولا توفر أسلحة لأي طرف من الصراع. فعلى أي أساس يتم إلقاء اللوم والمسؤولية على الصين، حتى فرض العقوبات عليها وتهديدها؟! لن نقبل ذلك أبدا!  


أصدرنا قبل أيام وثيقة بشأن موقف الصين من حل الأزمة الأوكرانية سياسيا، طرحنا فيها الرؤية ذات النقاط الـ12 التي تتضمن احترام سيادة كافة الدول ونبذ عقلية الحرب الباردة ووقف القتال ومنع الصراع وإطلاق مفاوضات السلام، ويكون جوهرها بذل الجهود الحميدة لدفع المفاوضات.  


لكن من المؤسف أن الجهود الرامية إلى دفع المفاوضات تعرضت للتقويض مرارا وتكرارا، ويبدو أن هناك "يدا خفية" تطيل وتصعد الصراع، ويحاول صاحبها خدمة أجندته الجيوسياسية باستغلال الأزمة الأوكرانية.  


في الوقت الراهن، تمر الأزمة الأوكرانية بمنعطف حاسم، إما وقف القتال ومنع الصراع واستعادة السلام، وإما صب الزيت على النار وتأجيج الأزمة حتى جرها إلى هاوية الخروج عن السيطرة. إن الصراعات والعقوبات والضغوط لن تحل المشاكل، وما نحتاج إليه الآن هو التحلي بالهدوء والعقلانية وإجراء الحوار. فيجب إطلاق مفاوضات السلام في أسرع وقت، واحترام الهموم الأمنية المعقولة لكافة الأطراف المعنية، بما يسهم في إيجاد حل يحقق الأمن والأمان الدائمين في أوروبا.  


Associated Press Of Pakistan: يصادف العام الجاري الذكرى الـ10 لإطلاق الصين مبادرة "الحزام والطريق". في هذه السنوات، طرحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضا مبادرات عالمية بشأن البنية التحتية. فهل ترى تنافسا بين هذه المبادرات والمشاريع؟ وما رأيكم في ادعاء بعض الناس بأن "الحزام والطريق" قد تؤدي إلى "فخ الديون"؟


ج: إن مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين وتتعاون كافة الأطراف في بنائها ويتقاسم العالم منافعها تعد منتجا عاما ممتازا ، وتتجسد ميزاتها في المعايير العالية والاستدامة وخدمة الشعب، وهي لاقت إقبالا واسعا بسبب جودتها العالية وطابعها العملي، وقد استقطبت لغاية اليوم أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم و32 منظمة دولية للانضمام إليها. 


على مدى العشر سنوات منذ إطلاق هذه المبادرة، قد تم تحويلها من الرؤية إلى الواقع، وحققت نتائج عملية لصالح التنمية في الدول المختلفة وأتت بفوائد ملموسة على معيشة الشعب. خلال السنوات العشر الماضية، تم تعبيد طريق واسع للتنمية المشتركة، مما ترك سلسلة من "المعالم الوطنية" و"المشاريع المعيشية" و"رموز التعاون". خلال هذه السنوات العشر، أسهمت المبادرة في تحفيز الاستثمار بقيمة تقرب من تريليون دولار أمريكي، وإنشاء أكثر من 3000 مشروع تعاون، وتوفير 420 ألف فرصة عمل للدول المطلة، وتخليص نحو 40 مليون نسمة من الفقر. وتحولت لاوس من "دولة غير ساحلية" إلى "محور بري رابط" بفضل السكك الحديدية بين الصين ولاوس. وتم إضاءة آلاف العشرات من البيوت في سريلانكا بفضل محطة بوتالام الكهربائية. وأسهمت السكك الحديدية بين مومباسا ونيروبي في رفع معدل النمو الاقتصادي المحلي بأكثر من نقطتين مئويتين. وساعدت "ورشات لوبان" الشباب في أكثر من 20 دولة على إتقان المهارات المهنية. لغاية اليوم، تم تسيير 65 ألف رحلة من قطارات الشحن بين الصين وأوروبا، التي تعتبر "قافلة حديدية" تربط آسيا وأوروبا و"قطارا سريعا" لنقل المستلزمات لمكافحة الجائحة. في هذا العام، ستنتهز الصين فرصة استضافة الدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، للعمل مع الأطراف المعنية سويا على الدفع بتحقيق مزيد من النتائج المثمرة في إطار "الحزام والطريق". 


تعد مبادرة "الحزام والطريق" مبادرة عملية ومنفتحة، وتلتزم بمبادئ التشاور والتعاون والمنفعة للجميع. وذلك يعني أن هناك التشاور والنقاش في التعاون، والصداقة والوفاء في التواصل. وبالنسبة إلى المبادرات للدول الأخرى، نرحب بها طالما أنها لا تميز الدول حسب الأيديولوجيات؛ ويسعدنا أن نرى نجاحها طالما أنها لا تحمل دوافع جيوسياسية أنانية. 


لن تقبل الصين أبدا تهمة ما يسمى بـ"فخ الديون" على كل الأحوال. أشارت الإحصاءات إلى أن نصيب المؤسسات المالية المتعددة الأطراف والدائنين التجاريين يتجاوز 80% في الديون السيادية للدول النامية، ويعد أكبر مصدر للضغط على الدول النامية في سداد الديون. خاصة أن الولايات المتحدة قامت برفع أسعار الفائدة بسرعة بالغة وبشكل غير مسبوق منذ العام الماضي، مما أدى إلى تدفق كمية هائلة من أموال الدول الأخرى إلى الخارج، وفاقم مسألة الديون في الدول المعنية. 


ظلت الصين تسعى إلى تذليل الصعوبات للدول المعنية، وتتصدر الدول من حيث المساهمة في مبادرة مجموعة العشرين بشأن تعليق مدفوعات خدمة الديون. سيواصل الجانب الصيني المشاركة في معالجة مسألة الديون الدولية بموقف بناء، وفي الوقت نفسه، ندعو الأطراف الأخرى إلى أن تتحرك بشكل مشترك وتتحمل مسؤوليات بشكل منصف. ستكون الحلول أكثر من المشاكل بكل التأكيد طالما يتشاور الجميع على الطاولة. 


NHK: يصادف هذا العام الذكرى الـ45 لإبرام "معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان". في ظل وجود التباين الواضح لمواقف الجانبين في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن، ما هي العلاقات الصينية اليابانية التي تخطط الحكومة الصينية الجديدة إقامتها؟


ج: إن الصين واليابان جاران قريبان لا يفصلهما إلا شريط من البحار، وأرى أنه من الضروري تطبيق النقاط التالية في سبيل إقامة العلاقات الصينية اليابانية في العصر الجديد:  


أولا، يجب الوفاء بالوعود. أبرم البلدان "معاهدة السلام والصداقة" قبل 45 عاما، مما حدد لأول مرة المبادئ والاتجاه  لتطور العلاقات الصينية اليابانية بشكل قانوني. إن هذه المعاهدة، مع الوثائق السياسية الثلاث الأخرى المبرمة بين الصين واليابان، تشكل الأساس السياسي للعلاقات الصينية اليابانية، وينبغي على وجه الخصوص الالتزام الصارم بالتوافق السياسي المتمثل في "أن الصين واليابان شريكا التعاون ولا يشكل تهديدا لبعضهما البعض"، ويجب أن نفي بما وعدنا.  


ثانيا، يجب أخذ التاريخ كمرآة. ألحقت النزعة العسكرية اليابانية أضرارا جسيمة بالأمة الصينية التي تشعر بالألم بين حين وآخر حتى اليوم. لن ينسى الشعب الصيني ذلك، ويجب ألا ينساه الجانب الياباني. إن نسيان التاريخ  يعني الخيانة وإنكار الجريمة يعني إعادة ارتكابها. ظلت الصين تتعامل مع اليابان بنية صادقة، وتتطلع إلى حسن الجوار معها. ولكن، إذا اختار بعض الناس في اليابان إفقار الجار وحتى المشاركة في الحرب الباردة الجديدة التي تهدف إلى احتواء الصين، بدلا من التعامل معها كشريك، فسيصيب الصين واليابان جرح جديد في الوقت الذي لم تلتئم فيه الجروح القديمة. 


ثالثا، يجب الحفاظ على النظام الدولي. تحدث بعض القادة اليابانيين مؤخرا كثيرا عن "النظام الدولي"، فلنوضح ما هو هذا النظام. يقوم النظام الدولي الحالي على أساس انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، وهو جاء بتضحية 35 مليون من الجنود وأبناء الشعب الصيني بحياتهم ودمائهم. فلن يقبل الشعب الصيني التحريفية التاريخية التي تتحدى النظام الدولي بعد الحرب والعدالة الدولية أيا كان شكلها. تنص "معاهدة السلام والصداقة بين الصين واليابان" بكل وضوح على معارضة الهيمنة، فتكتسب روح المعاهدة دلالات واقعية في الوقت الراهن. 


رابعا، يجب المنفعة المتبادلة والكسب المشترك. تتمتع الصين واليابان بمزايا تكاملية ويحتاج بعضهما إلى البعض. فيجب علينا التمسك بمبادئ السوق وروح الحرية والانفتاح، وتعزيز التعاون، والعمل سويا على الحفاظ على استقرار وانسياب سلاسل الصناعة والإمداد، بما يضخ قوة دافعة وحيوية إلى التعافي الاقتصادي في العالم. 


ختاما، هناك موضوع آخر أود أن أتحدث عنه، علما بأن الحكومة اليابانية قررت تصريف المياه الملوثة نوويا بفوكوشيما إلى البحر، فلم يكن هذا أمر يخص اليابان فقط، بل هو أمر هام يتعلق بالبيئة البحرية وصحة البشرية. فنحث الجانب الياباني على التعامل مع هذه القضية بشكل مسؤول وملائم.  


وكالة أنباء شينخوا: ادعت الولايات المتحدة بأنها "ستشكل بيئة استراتيجية محيطة بالصين"، وتعتبر "استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ" أداة من الأدوات لتحقيق هذا الهدف. وتتعرّض عديد من دول المنطقة للضغوط الشديدة جراء ذلك. ترى بعض التعليقات في وسائل الإعلام أنه مع تزايد الضغوط النزولية على الاقتصاد الصيني، من الصعب أن تستمر معادلة "الاعتماد على الولايات المتحدة أمنيا وعلى الصين اقتصاديا" بالنسبة لدول المنطقة. ما رأيكم في ذلك؟


ج: تتباهى الولايات المتحدة بالحرية والانفتاح لـ"استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ"، وتقوم واقعيا بتكوين عصابات وصنع دوائر ضيقة إقصائية بمختلف الأشكال؛ وتدعي بأن هذه الاستراتيجية تهدف إلى صيانة الأمن في المنطقة، وتسعى واقعيا إلى إثارة المواجهة وإعداد نسخة من "حلف الناتو" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ؛ وتروّج جهودها لتعزيز الازدهار في المنطقة، وتسعى واقعيا إلى فك الارتباط وقطع السلاسل وتقويض عملية التكامل في المنطقة.  


زعمت الولايات المتحدة علنا أنها ستشكل بيئة استراتيجية محيطة بالصين،  وكشف هذا الأمر بحد ذاته عن هدفها الحقيقي لتطويق الصين باستغلال هذه الاستراتيجية، وذلك لا يؤدي إلا إلى صدمة على إطار التعاون الإقليمي المنفتح والشامل الذي تكون مركزه آسيان، والمساس بالمصالح الكلية والطويلة المدى لدول المنطقة، فسيكون هذا الطريق طريقا مقطوعا ومسدودا حتما. 


لاحظت أن عددا كبيرا من قادة دول المنطقة قالوا مؤخرا، إنه يجب ألا تكون آسيان وكيلا لأي قوى خارجية، وألا تقع في مستنقع التجاذبات بين الدول الكبرى. ومن المفروض أن تكون آسيا مسرحا للتعاون والكسب المشترك، بدلا من رقعة الشطرنج للتجاذبات الجيوسياسية. لن يسمح بتكرار الحرب الباردة في آسيا أيا كان شكلها، ولن يسمح باستنساخ أزمات مثل الأزمة الأوكرانية في آسيا أبدا. 


أما بالنسبة إلى من ستعتمد عليه دول المنطقة أمنيا واقتصاديا، فأرى أنه من الضروري التمسك بروح الفريق الواحد وتقاسم السراء والضراء، وبذل جهود مشتركة لتحقيق الأمن وتعزيز التنمية، والعمل على إقامة مجتمع المستقبل المشترك الأوثق بين دول الجوار. 


أعتقد أنه لا داعي لقلق البعض من أفق الاقتصاد الصيني. في الآونة الأخيرة، رفعت بعض المؤسسات الدولية توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني للعام الجاري. والهدف المرجو لنا هو النمو بنسبة حوالي %5، وستكون هذه النسبة أعلى بكثير مما لدى الاقتصادات الرئيسية الأخرى. في السنة الماضية، ازداد حجم رأس المال الأجنبي المستخدم فعليا في الصين بمعدل %8، تبقى الصين من طلائع دول العالم من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية. حسب علمي، يتسابق رجال الأعمال الأجانب للمشاركة في منتدى الصين للتنمية والاجتماع السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي المزمع عقدهما في الوقت القريب وكذلك منتدى دافوس الصيفي المزمع عقده في تيانجين في العام الجاري. في التواصل بينني وبين وزراء الخارجية لعدة دول المنطقة في الآونة الأخيرة، وجدت أن أكبر تطلعاتهم هو التنمية، وأكثر ما تحدثوا عنه هو التعاون. فأثق بأن إسراع الصين في دفع التنمية العالية الجودة وتوسيع الانفتاح العالي المستوى على الخارج  وإقامة المعادلة الجديدة للتنمية، سيتيح فرصا جديدة لكافة الدول خاصة دول المنطقة بكل التأكيد. 


The Paper: في نهاية العام الماضي، حضر الرئيس شي جينبينغ القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية الأولى وقام بزيارة الدولة إلى السعودية، وفي فبراير الماضي، استقبل الجانب الصيني الرئيس الإيراني في الصين، فمن الواضح أن الصين تعزز اهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط. ما ركائز السياسة الصينية تجاه منطقة الشرق الأوسط في المستقبل؟


ج: تضرب جذور العلاقات بين الصين ودول الشرق الأوسط في أعماق التاريخ، وتربط الجانبين الصداقة العزيزة والشراكة الوثيقة. 


في القمة الصينية العربية الأولى المنعقدة في نهاية العام الماضي، اتفق الجانبان الصيني والعربي على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، الأمر الذي عزز بقوة التعاون الودي بين الصين والدول العربية. في الشهر الماضي، قام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بزيارة ناجحة للصين، حيث اتفق الجانبان على تعميق وتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما، الأمر الذي ارتقى بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى. 


تدعم الصين الاستقلالية الاستراتيجية لدول الشرق الأوسط، وتعارض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لها. ستظل الصين تقف إلى جانب الحق، وتدعم مساعي دول الشرق الأوسط لحل القضايا الساخنة سياسيا عبر الحوار والتشاور. تحترم الصين مكانة دول الشرق الأوسط كـ"أسياد المنطقة" كل الاحترام، ولن تقوم بملء ما يسمى بـ"الفراغ"، أو تشكيل دوائر ضيقة إقصائية. نحرص على أن نكون من يعزز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ويتعاون مع دول المنطقة في تحقيق التنمية والازدهار، ويدفع بالتضامن وتقوية الذات لها. 


The Straits Times: يرى البعض أن تعيينكم وزيرا للخارجية مؤشر على أن الصين تتبنى الآن نهجا أكثر ليونة لدبلوماسيتها، وتخلت عن أسلوب يسمى بـ"دبلوماسية الذئاب المحاربة". هل "انحرفت" الصين حقا عن علامة التشدد التي ألصقت عليها سابقا؟


ج: طرحتَ سؤالا ممتعا. أتذكر أن وسائل الإعلام الأمريكية قالت بصدمة: "جاء الذئب المحارب الصيني"، عندما وصلت إلى الولايات المتحدة كالسفير الصيني. الآن، تم سحب مني هذا اللقب بعد عودتي إلى الصين لتولي منصب وزير الخارجية، الأمر الذي جعلني أشعر بنوع من "الفقدان". في الواقع، إن ما يسمى بـ"دبلوماسية الذئاب المحاربة" هو مجرد فخ الكلام، من صنع هذا الفخ، هو إما لا يفهم شيئا عن الصين والدبلوماسية الصينية، وإما يتجاهل الحقائق عمدا ويحمل دوافع خفية. 


قال كونفوشيوس قبل ألفي سنة: "قابل السيئة بالإنصاف، والحسنة بالحسنة؛ وفي حالة مقابلة السيئة بالحسنة، بماذا تقابل الحسنة؟" تتحلى الدبلوماسية الصينية بما يكفي من الأخلاق واللطف، لكن إذا اعترضت "الذئاب الشريرة طريقنا واعتدت علينا، فلا بد للدبلوماسيين الصينيين من التصدي لـ"الذئاب" والدفاع عن وطنهم. 


AFP: هل تعتزم الصين تعزيز علاقاتها السياسية والتجارية مع أوروبا نظرا للتوتر الصيني الأمريكي في الأشهر الماضية؟


ج: إن الصين وأوروبا حضارتان عريقتان وسوقان كبيرتان وقوتان فاعلتان. إن إجراء التواصل بينهما يمثل خيارا مستقلا لكل منهما انطلاقا من مصالحهما الاستراتيجية ليس إلا. لا تستهدف علاقاتهما أي طرف ثالث أو تتبعه أو تخضع له. 


ظل الجانب الصيني يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكا استراتيجيا شاملا له ويدعم التكامل الأوروبي مهما كانت تطورات الأوضاع. نأمل في أن تستوعب أوروبا الدروس المؤلمة بعد الاكتواء بنيران الأزمة الأوكرانية، حتى تحقيق الاستقلال الاستراتيجي والأمن والأمان الدائمين بشكل حقيقي . 


نحن على استعداد للعمل مع الجانب الأوروبي على الالتزام بتعددية الأطراف الحقيقية، والتمسك بالاحترام المتبادل والتعاون والكسب المشترك، وإزالة التشويشات وتجاوز الصعوبات  بكافة أنواعها، ومواصلة تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأوروبا، بما يضخ مزيدا من عوامل الاستقرار واليقين والطاقة الإيجابية في العالم الذي تتشابك فيه التحولات والاضطرابات. 


China Daily:  نظمت وكالتنا فعالية بعنوان "تجاوب وزير الخارجية مع اهتماماتكم". لدى كثير من الشباب اهتمام بالغ بصورة الصين وحق الكلام لها على الصعيد الدولي. في رأيكم، كيف يتم عرض الصورة الحقيقية والمتعددة الأبعاد والشاملة للصين على المجتمع الدولي؟ وما هو دور الشباب في تعزيز حق الكلام الصيني على الصعيد الدولي؟


ج: أولا أشكر تشاينا دايلي على إنشاء هذه المنصة التي من شأنها تقريب المسافة بين الجماهير وخاصة الشباب مع الدبلوماسية الصينية، كما أشكر الأصدقاء الشباب على اهتمامهم ودعمهم للأعمال الدبلوماسية. أعتقد أن هذا السؤال جيد جدا، وأن سعيد لأن الشباب الصيني لديهم مثل هذه المشاعر والرؤية. يقول الصينيون إنه "لكل شخص نصيب من المسؤولية تجاه مصير البلاد". وقال الأمين العام شي جينبينغ إن الشباب يمثلون الأمل ويصنعون المستقبل، وعليهم إظهار حيويتهم في ممارساتهم للمشاركة في الدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. 


في الوقت الراهن، تقترب الصين من قلب المسرح العالمي يوما بعد يوم، فأصبحنا في موقع أكثر إلفاتا للاهتمام والنظر من أي وقت مضى. لكن عدد الميكروفونات في أيدينا لا يكفي، وصوتها ليس عاليا بما فيه الكفاية، ولا يزال في المسرح عدد كبير من المحتكرين للميكروفونات، فلا يزال هناك كثير من الضجيج والضوضاء حول الصين. يعد تعزيز حق الكلام للصين على الصعيد الدولي مسؤولية لا مفر منها على عاتق الشباب الصينيين في عصرنا هذا. 


يجب أن يكون الشباب واثقين بأنفسهم، إذ تعد الحضارة الصينية الممتدة لـ5 آلاف سنة وإنجازات تقدم عملية التحديث الصيني النمط منبع ثقتنا بأنفسنا. آمل من الشباب أن يعززوا طموحهم وصمودهم وثقتهم كصينيين في الممارسات التي تصقلهم، وينظروا إلى هذا العالم ويحاوروه بنظرة المساواة، ويعبّروا عن رؤية الشباب الصينيين، ويطلقوا صوت الشباب الصينيين، ويعرضوا صورة الشباب الصينيين.  


يجب أن يكون الشباب جاهدين للتقدم، إذ يتطلب تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية مبادرة الشباب وشجاعتهم وعزيمتهم ونضالهم. لو قلنا إن التحديثات الغربية تعد افتتاحية للتحديثات البشرية، فإن التحديثات للدول النامية بما فيها الصين تمثل سيمفونية التحديثات البشرية، ويعد نضال الشباب الصينيين لتحقيق الأحلام أروع النغمات الموسيقية وأكثرها نبضا لهذه السيمفونية. 


يجب أن يكون الشباب منفتحين، ويضعوا العالم ككل في اعتبارهم، ويذهبوا إلى الخارج للتعلم من الآخرين، ويعززوا التواصل والاستفادة المتبادلة، ويروا العالم بعيون أنفسهم، ويفسروا الصين بلغة أنفسهم، ويجيدوا رواية قصص الصين، ويعرضوا الثقافة الصينية. 


نرحب بمزيد من الأصدقاء الشباب للمشاركة في الدبلوماسية الصينية، من أجل تأليف موسيقى الشبيبة في هذا العصر الذي يشهد تغيرات وتحولات. 


قال وزير الخارجية تشين قانغ في الختام، يصادف الغد اليوم الدولي للمرأة العاملة، أتقدم هنا بالتحيات للنائبات والمراسلات المشاركات في الدورتين السنويتين وجميع المواطنات! أتمنى لكم عيدا سعيدا، وكل شيء على ما يرام! 


استغرق المؤتمر الصحفي ساعة و50 دقيقة.


Appendix:

جميع الحقوق محفوظة لدي منتدي التعاون الصينى العربي

الاتصال بنا العنوان : رقم 2 الشارع الجنوبي , تشاو يانغ من , حي تشاو يانغ , مدينة بجين رقم البريد : 100701 رقم التليفون : 65964265-10-86